الثلاثاء، 14 يناير 2014

الكاتب 2


الكاتب

كل كاتب هو فنان وكل نص قطعة  فنية
وكل عمل فني هو وليد عصره والعصر – في معظم الأحوال- هو المنبع الأصيل لعواطفنا الفردية ، ومن ثم فإن كل مرحلة ثقافية تنتج الفن الذي ينتمي إليها والذي يستحيل أن يتكرر وما من محاولة أو جهد لإحياء مبادئ فن زمن مضي إلا وكان المنتج مسخاً شائهاً

في كل نص رسالة كما في كل لوحة رسالة

ولكن أي رسالة

يجيب شومان : أن يفيض النور في الظلام الذي يغرق قلوب البشر وهذه هي مسؤولية الفنان وواجبه 
ويجيب تولستوي : إن الفنان إنسان قادر علي أن يرسم ويلون أي شئ 

المشاهدين ينظرون إلي العمل الفني بعيون باردة ، وعقول لا تبالي أما الهواة فإنهم يتوقفون عند حدود المهارة ( إعجاب مبهور بمن يمشي علي حبل ممدود ) ويستمتعون بطريقة الرسم والتلوين (استمتاع آكل الجاتوه) 
 أما الأرواح الجائعة

فإنها تنصرف وهي جائعة 
النتيجة الطبيعية للفن المادي غير الهادف هي الشللية والمؤامرات والتباغض والتحزب والمشايعة ، فإذا كانت المادية قد أنتجت هذا اللون من الفنانين فقد انتجت فنا لا يصلح أن يكون أبا للمستقبل 

إن الحياة الروحية التي يشكل الفن عنصرا من أهم عناصرها تمثل حركة مركبة ورغم ذلك فمن الممكن تعريفها بيسر وسهولة : إنها حركة تمضي إلي الأمام وإلي أعلي إن هاتين الحركتين اللتين تشيران إلي التقدم تنشأ من حبات العرق ، من الآلام والمخاوف ، من مقاومة الحواجز ، والعوائق ، وأشواك الشر المتجدد ، وعتمة الطريق ، في العتمة يولد (المُنقذ) الذي يتميز عنا ببصيرة ثاقبة تكشف الطريق إلي المستقبل وتهدي التائهين إلي الأمام وإلي الأعلي 

يقارن (زينكيفتشي)
 في إحدي رواياته بين الحياة الروحية والسباحة ، فالإنسان الذي لايسعي جاهدا بلا وهن ، ولا يقاوم الحواجز بلا توقف ، لا مفر أمامه من الغرق في عتمة اليأس  عندئذ تمسي موهبة الفنان نقمة عليه وعلي المتلقين في ذات الوقت ، ويتحول هو إلي دور الحاوي الذي يعرض فعلا ظاهره الفن وباطنه الشر ، ولا يكتفي بأن يخون الناس بل إن يعينهم علي خيانة أنفسهم ، ويقنعهم باحتياجات زائفة ، مثل هذا الفن لا يساعد علي الحركة إلي الأمام ، ولكنه يعوقها ، ويدفع الساعين إلي التقدم إلي الارتداد للخلف ، إن خيانة الفن تخلق مناخا يُسيد (بتشديد الياء الثانية ) القحط الروحي ويهبط بالروح إلي الحدود الدنيا من مثلثنا الرمزي 

النظرية هي المصباح الذي يضيئ أفكار الأمس المتحجرة والماضي البعيد

ومن ثم يستحيل وضع نظرية لمبدأ يسري علي اشياء تكون في المستقبل ، وما من شئ ينتمي إلي روح المستقبل إلا وكان تحققه في الإحساس ، والطريق الوحيد لهذا الإحساس هو موهبة الفنان

إن الإيقاع الناشئ عن تكرار لفظة بعينها عبر مسافات زمنية محددة ليس مجرد تنظيم شكلي محض ، بل ينفلت منه ما يمكن وصفه بالروحانية ، قد تستمع بالمصادفة إلي نغمة مرحة أو حزينة فإذا بها تكشف لنا عن لحظة عاطفية قديمة ، ولا تري كيف تم هذا الإيقاظ ، ولا كيف أتيح للروح أن تشرق.

إن الفنان هنا لابد له من رعشة الروح تلك . إن كل ما يستطيعه ليس أيقاظ شئ في ذاكرة المتلقي ، بل في خلق نظام إيقاعي ، وإيحائي يتجاوز به حدود المعني المباشر ، إلي منطقة يمكن أن نطلق عليها منطقة مخاطبة الأرواح 



عند (شونبرج ) حرية الإبداع ليست مطلقة وأن كل عنصر ينجز قدراً محدوداً من الحرية ، ولكن .. ما من عبقري ، مهما بلغت عبقريته يستطيع أن يتعدي حدود حريته ، ولكن مقدار حرية كل عصر يجب أن يزيد باستمرار 

هنري ماتيس أحد أعظم شباب فرنسا ، فهو يرسم صورا ولكنه يتجاوز المرئي إلي الإيحاء بما هو روحي 

أوصي سقراط بمعرفة النفس فقال أعرف نفسك ولكن يحتاج الوصول إلي هذه الغاية مكابدة طويلة 

الاستعارات المنهجية بين الفنون المختلفة تثري بعضها بعضا ، علي شرط ألأا تكون الاستعارة متعسفة

لا يستطيع الرسام إلا أن يقدم لنا رسالته في لحظة واحدة من الزمن
بينما بعض الفنون الأخري تمتلك الإيقاع الزمني


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق