الخميس، 27 أكتوبر 2011

فن القراءة الإبداعية 7-9

فن القراءة الإبداعية 7


تخيل الكتب كمواد كيميائية والغرض من قراءتها هي تحليلها ومعرفة عناصرها ماذا ستفعل عندئذ


ستضيف بعض العناصر من عندك وتنظر إلي النتائج والتفاعلات لتقرر ما هو موجود بذلك المركب (الكتاب ) من عناصر


تلك هي إذن القراءة تفاعل فعال نشط بينك ( بكل ثقافتك ووجدانك وروحك وآمالك وهمومك وأوجاعك ) وبين الكتاب


والغرض خروج مركب جديد مكون من مالديك فعلا ثقافيا ومعرفيا وبين محتوي هذا الكتاب الذي تقرأه


وهذا المركب الجديد الذي يتكون أثناء وبعد عملية القراءة ستتوقف عليه حياتك كلها ، فهو الذي سيملي عليك تصرفاتك ويحدد لك إختياراتك


أذن القراءة عملية مهمة جدا لأنها هي التي تصنع ذلك المركب الخطير (أنت) هي ماتبنيك أنت ولا أعني بالقراءة قراءة الكتب فقط بل قراءة الواقع وقراءة تجاربك في الحياة وقراءة الحياة نفسها


إذا كانت القراءة بهذه الخطورة التي تجعلها المسؤلة عن حياتك وعن اختياراتك القادمة عن مستقبلك عن طموحك وأمانيك فجدير بك أن تتمهل فيما تقرأ ، إذا علمنا أن كل كتاب نقرأه يتفاعل مع الذات وينتج شيئا جديدا فلا تضع في قارورة التفاعل أي شئ تقابله فربما كان التأثير سلبي أو عكسي


ولتنتبه إلي كل ماتضعه وتراقب بكل حرص واهتمام عملية التفاعل


وكل مرة تقرأ فيها كتاب إسأل نفسك واختبرها ما نتيجة ما قرأت ما شاهدت ما فعلت ، التقييم الدوري هو أحد الوسائل المهمة لجعل أي شئ فعال


جارٍ التحميل...

فن القراءة الإبداعية 8


انتبه إلي شرك المعلومات كثير منا حين يبحر في عملية القراءة يبحث بعقل شغوف عن المعلومات عن كل فائدة وكل مسألة وكل لطيفة أو طرفة في كل ما يقرأ وهذا جيد لا بأس به ، لكن هناك أشياء أعمق من المعلومات هي روح المؤلف والكاتب نفسه حاول أن تتحسسها أن تأخذ الكتاب وسيلة لتعرف كيف يفكر المؤلف أو الكاتب كيف يشعر كيف يستنبط


اضرب لك مثال


ابن تيمية كم واحد استشهد بكلام ابن تيمية وكم رجل قرأ له ربما فاق العدد الملايين ولكن كم رجل اكتشف طريقة ابن تيمية في العلم والعمل في الاجتهاد والفتوي في النظر والترجيح في رؤية الواقع وتطبيق النصوص عليه


أقول لك بكل ألم ربما لا أحد !!!!!!!!!!


لأننا ببساطة قرأنا ابن تيمية قراءة معلومات بهرنا علمه فلم نري روحه التي كانت تتلقف ذلك العلم وتصبغه بصبغتها


لذا منذ وفاة شيخ الاسلام ابن تيمية لم يرفع أحد أصبعه ليقول هذا أعلم أو أروع من ابن تيمية ، مع أن المعلومات التي استقي منها ابن تيمية علومه موجودة والمعلومات التي قالها هو نفسه موجودة ولكننا افتقدنا روح ابن تيمية ، تلك هي النقطة المهمة


فإذا ابحرت في كتاب ابحث عن روح المؤلف ولا تلهيك المعلومات


فن القراءة الإبداعية 9

وقفنا عند نقطة البحث عن روح المؤلف وعدم الاكتفاء بالمعلومات


إذا كان هذا غرضنا أو أحد أغراضنا من القراءة فإنه يجب علينا ألا نقرأ إلا لأرواح صادقة شفافة مبدعة لأنها هي ما يساعدنا علي الترقي و الوصول للكنوز المخبؤة حولنا عبر كلماتهم أو إن شئت قلت عبر محاولاتهم لكشف أسرار الحياة
اقتبس هنا قول
(زينكيفتشي) في إحدي رواياته يقول الإنسان الذي لايسعي جاهدا بلا وهن ، ولا يقاوم الحواجز بلا توقف ، لا مفر أمامه من الغرق في عتمة اليأس ، عندئذ تمسي موهبة الفنان نقمة عليه وعلي المتلقين في ذات الوقت ، ويتحول هو إلي دور الحاوي الذي يعرض فعلا ظاهره الفن وباطنه الشر ، ولا يكتفي بأن يخون الناس بل إن يعينهم علي خيانة أنفسهم ، ويقنعهم باحتياجات زائفة ، مثل هذا الفن لا يساعد علي الحركة إلي الأمام ، ولكنه يعوقها ، ويدفع الساعين إلي التقدم إلي الارتداد للخلف ، إن خيانة الفن تخلق مناخا يُسيد (بتشديد الياء الثانية مع كسرها) كالقحط الروحي ويهبط بالروح إلي الحدود الدنيا نقلا من كتاب الروحانية في الفن لـ فاسيلي كاندنسكي


ولكن هل هذا خاص بالفن أقول لكم نعم ولكن كل شئ في الوجود فن


فالكتابة فن والعلم فن وكل شئ آخر نوع من أنواع الفنون


والفنان هو الشخص الذي يحاول ممارسة ذلك الشئ بروح شفافة ونفس طليقة وإرادة وعزم ثابت تحركه الغاية ولا يعدم الوسيلة التي يقول لنا بها معادلته الخاصة وأسرار اكتشافاته عن معني الحياة وعن الحياة نفسها ، عن كيف نعيشها أو كيف نعبرها


إذن فالقراءة هي عملية البحث عن أرواح ، و التعلم منها وليست مجرد معلومات صادقة كانت أم كذابة ،شيقة كانت ومثيرة أم مملة ورتيبة وجافة


سؤال أسأله لك ما هي الأرواح التي لديك في جعبتك تنهل منها تتعلم وتبني مركبك الخاص ومعادلاتك التي تتعامل بها مع الحياة ؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق