الكاتب
الكاتب يبدأ من خبرات واقعية تكونت لديه نتيجة تداخل عدد من الدوائر بدءا
من دائرة الذات بتكوينه الجسماني والذهني ، وظروف تربيته ونشأته ومعاناته مرورا بدائرة بيئته ومجتمعه
وعصره وما يجيش فيها من تيارات وقضايا تنهمر عليه ويتأثر بها ، وانتهاءا بكونه
جزءا من تراث ثقافي عالمي يشكل هو إحدي حلقاته الممتدة عبر أجيال من الماضي إلي
الحاضر ثم الي المستقبل من هذه الدوائر يتشكل وجدان الكاتب المبدع وتتبلور رؤيته
الخاصة للحياة والكون من حوله
الأصالة هي مفتاح وصول
العمل الفني إلي قلوب الآخرين ، فالفن الصادق يصل مباشرة إلي وجدان المتلقي
الصفات التي
يجب أن يتحلي بها الفنان:
1- رهافة حس تتيح له قدراً
كبيراً من التعاطف مع آلام ومتاعب الآخرين
2 - أن يكون واعياً بأهمية توفير
الحد الأدني من المناخ المعيشي الصالح لإنجاز عمله.
3- أن يكون حريصا علي نظام
ونظافة معمله وجادا في توفير أدوات العمل
4- أن يكون مخلصاً ، متفانياً
في أداء عمله ، متحملا أي متاعب ، متنازلا عن أي طموحات أخري عدا تحقيق أهدافه
الفنية.
5- أن يكون قوي الإيمان بالله
، تقيا ، نازعا عن صدره أي هموم أومرارة
المحفزات
التي تدفع الفنان للعمل:
1- الالهام وهو نتيجة طبيعية
للاصرار علي البحث
2- الحلم الذي يحركه ويدفعه
حتي يخترق الحجب ويسبق الاحداث فالفن في أحد جوانبه نبوءة
كيف
تتبدي لحظة الكشف أمام الفنان ؟
لحظة الكشف للفنان هي لحظة انتصاره والتي طالما حلم بها ، لحظة ينسي خلالها
كل ماعاناه من جهد وتعب خلال رحلته الطويلة ، عندئذ يصبح أسعد البشر اطلاقا ، لقد
نال مراده .. بعد ذلك يسقط ثانية في رحلة جديدة لتأكيد كشفه وتثبيت أركانه
هل يمكن لهذه
اللحظة أن تُستعاد ؟
سعادة لحظة الكشف يحسها الفنان من جديد ، عندما يقابل فنانا آخر يُقدر كشفه حق قدره ، ويحتاج إليه ، عندئذ يؤمن الفنان أن صبره وجلده
ومعاناته كانت خطوة صحيحة علي طريق الفن ، لابد أن تتبعها خطوات أخري ، تمضي علي
نفس الدرب الذي اكتشفه ، مؤكدة ما توصل إليه ومستفيدة منه
النضج الفني
1- ضروري علي كل
فنان أن يتفهم لإمكانياته وحدود قدراته وتوظيف خبراته والأهم من ذلك حسن توجيهها
بحدسه الفني للانتقاء والتقاط ما يراه
صالحاً لعمله من الواقع الملئ بالنفايات
لاستجلاء ذلك السحر الخفي الكامن فيه.
2- أن يكون
الفنان متمكنا من أدواته الفنية متفهما لأسرار صنعته بحيث يمكنه بمجرد اطلاعه علي
أي أعمال فنية لآخرين ، أن يكتشف طريقة صنع هذه الأعمال ومدي اختلافها عن أعماله ،
والفروق بينها مميزاً في ذات الوقت بين الزيف والأصالة.
3- يحتاج العمل
الفني إلي فترة زمنية كافية يختمر خلالها وينصهر في أتون إبداعه ويتبلور ويتشكل
حتي يُولد مكتمل التكوين ، ولا جدال أن فترة الحمل تلك من أصعب الفترات علي الفنان
، فغالبا ما تكون مليئة بالقلق والتوتر والأرق والصبر والمعاناة
المخاطر التي يواجهها الفنان علي طريق النضج فني:
1- قد يجنح
الفنان بعيدا عن عالمه الفني الأثير الذي خبره وترسخ في أعماقه وصار جزءا من كيانه
، أما الدافع إلي هذا التحول فقد يكون البحث عن لقمة العيش أو الخوف من الفقر
والحاجة.
2- في لحظات
الأزمة ،أو فترات التوقف عن الابداع التي قد يمر بها الفنان أحيانا ، قد ينقب عن
مخرج من أزمته ، مجهدا عقله ومفكرا في البحث عن مخرج بديل مصنوع بديلا عن العمل
الفني.
3- يجب أن يعي
الفنان أن عملية الابداع الفني عملية فردية بالأساس ، ويجب أن يحرص علي أن يظل
يعمل وحيداً في بوتقة فنه ، باصرار لا يلين ، لأن هناك فرقا جوهريا بين الفن
والتجارة
فويل للفنان الذي ينزلق بعيدا عن صومعة فنه ، تحت إغراء المكسب أو الشهرة
أو الجاه ، إذ سرعان ما يفقد أصالته ويعتريه الزيف
إنتبه
ففي اللحظة التي يعود فيها الفنان منتصرا من رحلته الشاقة بعدما يكتشف
منابع إلهامه ويمسك بها وبعدما اكتسب وعيا مفتقدا يفاجأ بأن المستوي الآخر ( المستغل ) والمتعاون
مع الخارج ، يوفر له إحتياجاته وهذه هي لحظة الاختيار والحسم
.....................................................................
اسم الكتاب :
الإبداع الأدبي المصادر والمخاطر
اسم المؤلف : حسين عيد
دار النشر : الهيئة المصرية العامة للكتاب - مكتبة الاسرة عام 1997